محنة‭ ‬الكاتب‭ ‬العربي

هشام توفيق

الفقر‭ ‬يضرب‭ ‬كل‭ ‬مكان‭ ‬عربي،‭ ‬حتى‭ ‬البلدان‭ ‬الغنية‭ ‬المليئة‭ ‬بالثروات،‭ ‬والعراق‭ ‬مثال‭ ‬بهي‭ ‬على‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الأمر،‭ ‬حيث‭ ‬النهب‭ ‬للمال‭ ‬العام‭ ‬منظم‭ ‬ومدروس،‭ ‬ومكرّس‭ ‬كنهج‭ ‬وسلوك‭ ‬وتربية،‭ ‬جلبتها‭ ‬الأحزاب‭ ‬الدينية‭ ‬الحديثة،‭ ‬ذات‭ ‬الذراع‭ ‬القوية‭ ‬والمسلّحة‭. ‬

كان‭ ‬الكائن‭ ‬المتديّن‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬له‭ ‬مسبحته،‭ ‬وعباءته‭ ‬ومصحفه،‭ ‬الآن‭ ‬أصبح‭ ‬له‭ ‬مسدّسه‭ ‬ورشاشه‭ ‬ورصاصاته،‭ ‬بديلاً‭ ‬من‭ ‬المسبحة‭ ‬والتمتمات‭ ‬الإلهية،‭ ‬وبديلاً‭ ‬من‭ ‬العباءة‭ ‬له‭ ‬دبّابة‭ ‬وطائرة‭ ‬مسيّرة،‭ ‬وصاروخ‭ ‬عابر‭ ‬للمدائن،‭ ‬والوزارات‭ ‬ودور‭ ‬الحكومة،‭ ‬محبسه‭ ‬الأزرق‭ ‬في‭ ‬كفّه‭ ‬المتينة،‭ ‬بديلاً‭ ‬من‭ ‬المصحف،‭ ‬يفركه‭ ‬متى‭ ‬يشاء،‭ ‬لتنهال‭ ‬عليه‭ ‬الدولارات،‭ ‬بينما‭ ‬الأديب‭ ‬الذي‭ ‬يحرث‭ ‬قلمه‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان،‭ ‬أحياناً‭ ‬بأجر‭ ‬محدود،‭ ‬أو‭ ‬بمكافأة‭ ‬نزرة‭ ‬وبخيلة،‭ ‬يبقى‭ ‬رغم‭ ‬ذلك‭ ‬ملازماً‭ ‬للقلم،‭ ‬هذا‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يدر‭ ‬عليه‭ ‬سوى‭ ‬الأوجاع‭  ‬والأدواء،‭ ‬وبعض‭ ‬الدراهم‭ ‬المعدودة،‭ ‬حتى‭ ‬مخطوطة‭ ‬كتابه‭ ‬تتعرّض‭ ‬للسرقة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬دور‭ ‬النشر،‭ ‬وهي‭ ‬دور‭ ‬شبيهة‭ ‬بسرّاق‭ ‬المال‭ ‬العام‭.

فالكاتب‭ ‬والروائي‭ ‬والمترجم،‭ ‬وهنا‭ ‬نستثني‭ ‬الشاعر‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬حيث‭ ‬مصيبته‭ ‬أعظم‭ ‬مع‭ ‬دور‭ ‬النشر،‭ ‬لا‭ ‬تمنح‭ ‬دار‭ ‬النشر‭ ‬لأي‭ ‬منهم‭ ‬الآن،‭ ‬سوى‭ ‬خمسة‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬كحقوق‭ ‬للنشر،‭ ‬لطبع‭ ‬ألف‭ ‬نسخة‭ ‬من‭ ‬الكتاب،‭ ‬أو‭ ‬لا‭ ‬تمنحه‭ ‬نقوداً‭ ‬أبدأ،‭ ‬بل‭ ‬تمنحه‭ ‬نسخاً‭ ‬معدودة‭ ‬من‭ ‬كتابه‭ ‬كهدية،‭ ‬وكحقوق‭ ‬في‭ ‬الآن‭ ‬ذاته‭.‬

صاحب‭ ‬الدار‭ ‬تتضخّم‭ ‬داره،‭ ‬وتسمن‭ ‬لتزداد‭ ‬ثروته،‭ ‬والكاتب‭ ‬العربي‭ ‬يزداد‭ ‬فقراً‭ ‬وجروحاً،‭ ‬وتتكاثر‭ ‬أمراضه،‭ ‬وأحزانه‭ ‬جراء‭ ‬كل‭ ‬كتاب‭ ‬جديد،‭ ‬أو‭ ‬مخطوطة‭ ‬منجزة،‭ ‬أو‭ ‬عقد‭ ‬للنشر،‭ ‬بعض‭ ‬دور‭ ‬النشر‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تمنحك‭ ‬شيئاً‭ ‬مطلقاً،‭ ‬يعتبر‭ ‬ذلك‭ ‬منّة،‭ ‬ومنحة،‭ ‬وعربون‭ ‬صداقة،‭ ‬وربما‭ ‬يعتبرك‭ ‬البعض‭ ‬محظوظاً،‭ ‬أو‭ ‬شخصاً‭ ‬مقرّباً‭ ‬من‭ ‬دار‭ ‬النشر‭ ‬هذه،‭ ‬التي‭ ‬تطبع‭ ‬لك‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تدفع‭ ‬لها‭ ‬شيئاً،‭ ‬أنت‭ ‬الكاتب‭ ‬الفقير‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬تملك‭ ‬شيئاً،‭ ‬فمن‭ ‬جهة‭ ‬يحاصرك‭ ‬القارئ،‭ ‬وهذا‭ ‬من‭ ‬حقّه،‭ ‬فهو‭ ‬يريد‭ ‬بضاعة‭ ‬مطلوبة،‭ ‬ومرغوبة،‭ ‬يلتذ‭ ‬بخيالها،‭ ‬ورؤاها‭ ‬وأهوائها‭ ‬وأجوائها،‭ ‬وطيوفها‭ ‬التي‭ ‬ستجعله‭ ‬يهيم‭ ‬وجْداً،‭ ‬ويطير‭ ‬لهفة‭ ‬نحوها،‭ ‬متوغّلاً،‭ ‬هائماً‭ ‬في‭ ‬سطورك‭ ‬ورؤاك،‭ ‬كي‭ ‬يتذوق‭ ‬طعم‭ ‬مخيّلتك،‭ ‬وهي‭ ‬تصنع‭ ‬الحروف‭ ‬اللاهبة،‭ ‬المثيرة‭ ‬والكاوية،‭ ‬وأنت‭ ‬تنزف‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬جروح‭ ‬الخيال،‭ ‬ومن‭ ‬الولع‭ ‬الذي‭ ‬يحيط‭ ‬بقلمك،‭ ‬واللوعة‭ ‬التي‭ ‬تسكب‭ ‬على‭ ‬ورقك،‭ ‬وأنت‭ ‬تحلّق‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬من‭ ‬الهيام‭ ‬المثالي،‭ ‬بغية‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬قريباً‭ ‬من‭ ‬قلب،‭ ‬وروح،‭ ‬وعيون‭ ‬القارئ،‭ ‬لا‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬تخذله‭ ‬وهو‭ ‬ينتظرك،‭ ‬لا‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬يسهو‭ ‬عنك،‭ ‬ويلتفت‭ ‬لأمر‭ ‬آخر،‭ ‬لا‭ ‬تريده‭ ‬أن‭ ‬يجفوك،‭ ‬ويشغله‭ ‬شيء‭ ‬ثان،‭ ‬فأنت‭ ‬تعوّل‭ ‬عليه،‭ ‬وعلى‭ ‬أحاسيسه‭ ‬ومشاعره‭ ‬وذكائه‭ ‬الفني،‭ ‬وطبعه‭ ‬الجمالي،‭ ‬وخبرته‭ ‬الفنية‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬القراءة‭.‬

أذكر‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬بيروت،‭ ‬أنني‭ ‬تعاقدت‭ ‬مع‭ ‬إحدى‭ ‬دور‭ ‬النشر‭ ‬والتوزيع،‭ ‬حول‭ ‬مجموعة‭ ‬شعرية‭ ‬مترجمة‭ ‬لشاعر‭ ‬أوروبي‭ ‬شهير‭ ‬أحبّه،‭ ‬حول‭ ‬حقوق‭ ‬توزيعها‭ ‬فقط،‭ ‬فالناشر‭ ‬والموزّع‭ ‬النادر‭ ‬هذا،‭ ‬منحني‭ ‬حقوقاً‭ ‬بمقدار‭ ‬أربعين‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬على‭ ‬الكتاب،‭ ‬وكان‭ ‬حين‭ ‬يراني،‭ ‬يحاسبني‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬باع،‭ ‬وما‭ ‬تبقّى‭ ‬لي‭ ‬من‭ ‬حصّة‭ ‬النشر،‭ ‬وفق‭ ‬العقد‭ ‬المبرم‭ ‬بيننا،‭ ‬حتى‭ ‬أنني‭ ‬كففت‭ ‬عن‭ ‬زيارته،‭ ‬لكيلا‭ ‬يحسبني‭ ‬جئت‭ ‬لأحاسبه‭ ‬في‭ ‬أمر‭ ‬كتابي‭. ‬كم‭ ‬كان‭ ‬مثالياً‭ ‬هذا‭ ‬الموزع‭ ‬والناشر‭ ‬اللبناني‭! ‬وآخر‭ ‬غيره‭ ‬طبع‭ ‬لي‭ ‬روايتي‭ ‬الثانية‭ ‬‮«‬أشهر‭ ‬من‭ ‬شهريار‮»‬‭ ‬أيضاً‭ ‬دفع‭ ‬لي‭ ‬دفعة‭ ‬أولى‭ ‬من‭ ‬مبيعات‭ ‬الكتاب،‭ ‬وكنت‭ ‬قد‭ ‬مررت‭ ‬عليه‭ ‬بالمصادفة،‭ ‬لغرض‭ ‬طبع‭ ‬كتاب‭ ‬ثان‭ ‬عنده،‭ ‬وكان‭ ‬العقد‭ ‬أيضاً‭ ‬بقيمة‭ ‬أربعين‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬تدفع‭ ‬كحقوق‭ ‬للمؤلف‭.‬

وكون‭ ‬الشعر‭ ‬يتعثر‭ ‬نشره‭ ‬غالباً،‭ ‬فليس‭ ‬أمامك‭ ‬سوى‭ ‬طريق‭ ‬واحد‭ ‬لا‭ ‬غير،‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬تقبل‭ ‬بطباعة‭ ‬الديوان‭ ‬دون‭ ‬مقابل‭ ‬من‭ ‬الناشر،‭ ‬ودون‭ ‬عقد‭ ‬للنشر،‭ ‬كون‭ ‬الشعر‭ ‬باله‭ ‬طويل‭ ‬ويعمّر‭ ‬طويلاً،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬مرّت‭ ‬على‭ ‬طباعته‭ ‬عدة‭ ‬عقود،‭ ‬وكون‭ ‬بيعه‭ ‬وتسويقه‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬الكتاب‭ ‬الشعري‭ ‬بطيئين،‭ ‬ويحتاج‭ ‬الديوان‭ ‬الشعري،‭ ‬أو‭ ‬المجموعة‭ ‬الشعرية‭ ‬إلى‭ ‬وقت‭ ‬طويل،‭ ‬وزمن‭ ‬إضافي،‭ ‬زمن‭ ‬لا‭ ‬يخضع‭ ‬فيه‭ ‬الكتاب‭ ‬الشعري‭ ‬لمواصفات‭ ‬وسياقات‭ ‬الراهن‭ ‬الطباعي،‭ ‬والمزاج‭ ‬العام‭ ‬لسوق‭ ‬النشر‭ ‬الحالية‭. ‬فمرّة‭ ‬وعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬عثرت‭ ‬على‭ ‬مجموعة‭ ‬شعرية‭ ‬للسياب،‭ ‬في‭ ‬مكتبة‭ ‬منزوية‭ ‬من‭ ‬مكتبات‭ ‬بيروت‭ ‬القديمة،‭ ‬عمر‭ ‬المجموعة‭ ‬كان‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬خمسين‭ ‬عاماً،‭ ‬ومرة‭ ‬اشتريت‭ ‬ديواناً‭ ‬لأدونيس‭ ‬مطبوعاً‭ ‬في‭ ‬دار‭ ‬‮«‬مجلة‭ ‬شعر‮»‬‭ ‬عثرت‭ ‬عليه‭ ‬بالطريقة‭ ‬إياها،‭ ‬كانت‭ ‬الطباعة‭ ‬مذهلة‭ ‬وأنيقة،‭ ‬على‭ ‬عتقها،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مرور‭ ‬ضوء‭ ‬الزمن‭ ‬الخافت‭ ‬على‭ ‬صفحاته،‭ ‬هذا‭ ‬الديوان‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬موجودا‭ ‬لديّ‭ ‬في‭ ‬مكتبتي‭ ‬المنزلية‭ ‬في‭ ‬لندن‭.‬

ثمة‭ ‬دور‭ ‬للنشر،‭ ‬وهي‭ ‬جد‭ ‬قليلة،‭ ‬نادرة‭ ‬ووحيدة‭ ‬في‭ ‬تصرفّها‭ ‬المرموق‭ ‬هذا،‭ ‬واضحة‭ ‬المعالم،‭ ‬ليس‭ ‬لديها‭ ‬لف‭ ‬ودوران،‭ ‬تكافئك‭ ‬على‭ ‬صنيعك‭ ‬الإبداعي،‭ ‬إن‭ ‬كان‭ ‬شعراً،‭ ‬أو‭ ‬رواية،‭ ‬أو‭ ‬كتاباً‭ ‬مترجماً،‭ ‬أو‭ ‬سيرة‭ ‬ذاتية،‭ ‬أو‭ ‬بحثاً‭ ‬علمياً،‭ ‬أو‭ ‬تراثياً‭ ‬واجتماعياً،‭ ‬ولنذكر‭ ‬هنا‭ ‬الكاتب‭ ‬والناشر‭ ‬المرموق‭ ‬الراحل‭ ‬رياض‭ ‬الريّس،‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬طبع‭ ‬لي‭ ‬ذات‭ ‬يوم،‭ ‬ديوان‭ ‬‮«‬غزل‭ ‬عربي‮»‬‭ ‬بألفي‭ ‬نسخة،‭ ‬وهذا‭ ‬رقم‭ ‬ممتاز‭ ‬للشعر‭ ‬خاصة،‭ ‬ونفحني‭ ‬كحقوق‭ ‬للنشر،‭ ‬عبر‭ ‬العقد‭ ‬المبرم‭ ‬بيننا،‭ ‬مبلغاً‭ ‬مالياً‭ ‬معتدلاً‭ ‬ومقطوعاً‭. ‬كانت‭ ‬الطبعة‭ ‬مميزة،‭ ‬بورقها‭ ‬وغلافها،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬طريقة‭ ‬إخراجها‭ ‬وتصميمها‭ ‬المميّزين‭.‬

هناك‭ ‬دور‭ ‬نشر‭ ‬تمنح‭ ‬الكاتب،‭ ‬والروائي‭ ‬حقوقه‭ ‬كاملة،‭ ‬لكنها‭ ‬قليلة‭ ‬جداً،‭ ‬ومعدودة‭ ‬ومدفوعها‭ ‬قليل‭ ‬كذلك،‭ ‬لكنها‭ ‬في‭ ‬المحصّلة‭ ‬تطبع‭ ‬لبعض‭ ‬الكتاب‭ ‬والأدباء‭ ‬والروائيين‭ ‬العرب،‭ ‬ممن‭ ‬لهم‭ ‬صلة‭ ‬بالناشر،‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬يفضلهم‭ ‬الناشر‭ ‬لسبب‭ ‬إبداعي،‭ ‬أو‭ ‬غيره‭ ‬من‭ ‬الأسباب،‭ ‬وهذا‭ ‬أمر‭ ‬لافت‭ ‬دون‭ ‬شك،‭ ‬ويدعو‭ ‬إلى‭ ‬الغبطة،‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬لهم‭ ‬صلة‭ ‬بالقارئ،‭ ‬عبر‭ ‬ما‭ ‬يكتبون‭ ‬من‭ ‬كتابات‭ ‬مثيرة،‭ ‬أو‭ ‬يمتازون‭ ‬بطريقة‭ ‬معيّنة‭ ‬في‭ ‬الكتابة،‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬تعرف‭ ‬كيف‭ ‬تصطاد،‭ ‬أو‭ ‬تجلب‭ ‬المشتري‭ ‬لبضاعتها‭. ‬وعادة‭ ‬ما‭ ‬تكون‭ ‬هذه‭ ‬الكتابات‭ ‬مفتقرة‭ ‬إلى‭ ‬العمق،‭ ‬والنسيج‭ ‬المتقن‭ ‬والموحي،‭ ‬لكنها‭ ‬تحمل‭ ‬في‭ ‬الغالب‭ ‬جرعات‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬الجرأة‭ ‬المفبركة،‭ ‬والبعد‭ ‬السوقي،‭ ‬والمحرّمات‭ ‬الدونية،‭ ‬ما‭ ‬يجعلها‭ ‬بضاعة‭ ‬كتابية‭ ‬رائجة،‭ ‬يتشوّق‭ ‬القارئ‭ ‬العادي‭ ‬لقراءتها،‭ ‬أو‭ ‬اقتنائها،‭ ‬وذلك‭ ‬يأتي‭ ‬غالباً‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬الشائعة،‭ ‬والنشاط‭ ‬الميديوي‭ ‬الإلكتروني،‭ ‬الذي‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬الصدأ‭ ‬ذهباً‭ ‬يبرق‭ ‬ويلمع،‭ ‬لينافس‭ ‬المعدن‭ ‬الثمين‭.   ‬

الآن‭ ‬المسألة‭ ‬تضاءلت‭ ‬وباتت‭ ‬أكثر‭ ‬صعوبة،‭ ‬فدور‭ ‬النشر‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تمنح‭ ‬الأربعين‭ ‬في‭ ‬المئة،‭ ‬وهي‭ ‬نادرة‭ ‬الوجود‭ ‬الآن،‭ ‬راحت‭ ‬هذه‭ ‬النسبة‭ ‬تتضاءل‭ ‬لديها‭ ‬بالتدريج،‭ ‬وتنزل‭ ‬من‭ ‬الأربعين‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬إلى‭ ‬الخمسة‭ ‬والعشرين‭ ‬في‭ ‬المئة،‭ ‬وبمرور‭ ‬السنوات‭ ‬الى‭ ‬عشرة‭ ‬في‭ ‬المئة،‭ ‬حتى‭ ‬وصلت‭ ‬بقدرة‭ ‬الناشر‭ ‬القدير،‭ ‬الى‭ ‬خمسة‭ ‬في‭ ‬المئة،‭ ‬ثم‭ ‬لم‭ ‬تتوقف‭ ‬عند‭ ‬هذا‭ ‬الحد،‭ ‬بل‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬تفادي‭ ‬الخمسة‭ ‬في‭ ‬المئة،‭ ‬بغية‭ ‬منحك‭ ‬نسخاً‭ ‬معدودة‭ ‬من‭ ‬الكتاب،‭ ‬هذا‭ ‬ناهيك‭ ‬من‭ ‬دور‭ ‬النشر‭ ‬التي‭ ‬باتت‭ ‬تطبع‭ ‬لك‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬عقد‭ ‬للنشر،‭ ‬أي‭ ‬لا‭ ‬حقوق‭ ‬هناك،‭ ‬ولا‭ ‬صداع‭ ‬للرأس،‭ ‬ولا‭ ‬هم‭ ‬يحسبون‭.‬

كاتب‭ ‬عراقي

Share on facebook
Facebook
Share on twitter
Twitter
Share on whatsapp
WhatsApp
Share on telegram
Telegram
Share on pinterest
Pinterest
Share on skype
Skype